الكاتب والصحافي خضر رسلان
مع انطلاق معركة الانتخابات البلدية في العاصمة، فرضت لائحة «بيروت بتجمعنا» نفسها كعنوان سياسي بامتياز، ليس فقط من حيث تركيبتها المتنوعة، بل من خلال مشاركة الثنائي الوطني، حركة أمل وحزب الله، التي حملت دلالات تتجاوز الحساب الانتخابي إلى عمق المشهد السياسي اللبناني.
هذه المشاركة، التي جاءت ضمن لائحة تضمّ طيفاً واسعاً من القوى، تؤكد أنّ الثنائي الوطني ليس فقط مكوناً فاعلاً في بيئته، بل قوة وازنة على مستوى العاصمة أيضاً. الحضور السياسي والشعبي الذي يمثله هذا الثنائي فرض نفسه على كلّ من حاول تجاهله لعقود، وأجبر الجميع على الإقرار بواقعه.
واللافت أنّ بعض القوى المشاركة في هذه اللائحة كانت حتى الأمس القريب ترفع شعارات تستهدف المقاومة وثوابتها الوطنية، وتُشكك في ولاء هذا المكون الوطني. لكنّ اللحظة الانتخابية أسقطت تلك الشعارات، حين اصطدمت بالحقيقة السياسية: هذا المكون لا يمكن تجاوزه، لا بل لا يمكن إنجاز أي شراكة وطنية أو بلدية من دونه.
ما جرى في «بيروت بتجمعنا» ليس تفصيلاً، بل هو تحوّل، فقد رضخت أطراف طالما تبنّت خطاباً تخوينياً للشراكة الواقعية، وسقطت معها الشعارات الشعبوية التي صوّرت الثنائي وكأنه طارئ على الدولة أو على العاصمة.
ولعلّ ما عزّز هذه القناعة هو ما أفرزته الانتخابات البلدية الأخيرة في جبل لبنان والشمال، حيث أظهرت صناديق الاقتراع حجم الالتفاف الشعبي حول خيارات الثنائي، ومدى رسوخ حضوره في بيئته وتمدّد تأثيره خارجها، ما شكّل رسالة واضحة بأنّ هذا المكوّن ليس فقط عصياً على التهميش، بل هو شريك مفروض بحكم الواقع والديموقراطية.
قد تؤسس لائحة «بيروت بتجمعنا» لمسارات سياسية جديدة، تطيح بالشعارات الخشبية، وتكشف أوهام من توهّموا بأنّ حضور هذا المكون قد يُختصر بخطابات عالية النبرة أو بإقصاء مصطنع.
فهل أدرك أصحاب الشعارات أنّ تجاوز الثنائي الوطني ليس ممكناً على الإطلاق؟
وهل استوعب البعض أنّ قوة هذا المكون لا تنبع من تحالفاته فقط، بل من جذوره الشعبية العميقة؟
أسئلة مشروعة تطرح نفسها بقوة، في المرحلة المقبلة عنوانها:
شراكة وازنة تُبنى على الواقعية لا على المكابرة… وعلى التمثيل الفعلي لا على الشعارات الفارغة.